مازلت اتذكر ذلك اليوم عندما بدات أعمل فى مهنة الصحافة كا مترجم ومنسق مواعيد مستقل ” fixer” للصحافين الأجانب فى عام 2011 . عندما شاء القدر وأرسل لي صحفيين ايطاليين , وجدتهم تائهون يبحثون عن شخص يتحدث الأنكليزية لعمل تقرير صحفى حول حادثة هجوم أسلاميين متشددين على منطقة سكنية قبطية ( وكان هذا وقت صراع القوى الساسية على تولى السلطة فى مصر بعد ثورة يناير 2011 )
وكنت أنا قبطى أسكن فى تلك المنطقه , وتم أختيارى من قبل الصحفيين بعد تحذيرهم لي بشدة حول المخاطر التى ربما سأقبالها أذا ذهبت للعمل معهم كا مترجم الى منطقة سكن الأرهابيين الذين قتلوا الاقباط . ولكنى من أجل الحق تشجعت وقبلت العرض وتم العمل بنجاح الذى أبهر الصحفيين بعملى الشجاع . وبعدها قررت أن أسلك طريق الصحافة الضيق الملئ بالمخاطر .
ومنذ ذلك الحين , تيقنت مدى خطورة تلك المهنة فى توصيل الخبر , وأن الصحفى تحت رهن الأعتقال أو التعذيب أو الخطف أو حتى الموت فى أى وقت , والسبب فى أيمانه فى توصيل الخبر والحقيقه !
وكنت فى كل يوم أصلى من اجل الصحفيين أن يعطى الله حماية لهم واعلان الحق وخصوصا هؤولاء اللذين فى الحروب . والحق من ثمار الخير , والخير ضد عمل الشر , ولكن العالم وضع فى الشرير وأصبح العالم عدو رسل الحقيقة , ومنهم الصحفيين , ومنهم جيم فولى وستيف الذين قطعت رؤوسهم على يد من يمثل الشر واللذين يختبؤن وراء الدين ( داعش ) على اساس أقامة الخلافة الأسلامية
الصوره : من موقع راديو اونلاين مأخوذه من اليو تيوب
“رقبة الصحافيين فى رقبة برودة الأعلام والأمم المتحدة !”
بعد محاولة عدو الخير ( داعش ) بترهيب أمريكا وحلفائها بوقف الغارات العسكرية , وذبح امريكيين صحفيين فى أسبوعيين , دخل الشك والأضطراب الطبيعى لدى بعض الصحفيين , متسائلين ما هو مصيرهم مع تلك المهنة الوعره !
فمنهم من قال على سبيل المثال _Janine Di Giovanni_” كنت فى حيرة وأسى حول ما جرى لأصدقائنا الصحفيين جيم و ستيف , وعن حزن أسرتهما . ولكن الذى يقلقنى بعد كل هذا الظلم , كيف سنستمر فى تغطيتنا الصحفية فى سوريا وغيرها ما لم نجد دعم من جهات تقدر أن تحمى الصحفيين”
وعن صمت الأمم المتحده وبرودة الأعلام بعد مقتل الصحفيين , قال الصحفى الفرنسى جونثان _Jonathan Pedneault_ على جروب نادى الصقور للصحفيين على الفيس بوك ” فى الشهور القليلة الماضية , ومع الاحداث الاخيرة ومقتل الصحفيين , تأثرت شخصيا ببرودة الاعلام فى تغطية الحدث” . ويضيف قائلا ” أين دور الأمم المتحدة فى حماية الصحفين ؟
“رقبة الصحافيين فى رقبة داعش ومن يدعمها ”
لم أتفاجئ عندما قرأت تقريرا للبى بى سى عن تنظيم الدولة الأسلامية ومن يمولها , فعلمت أن بداية اصول التمويل المالى للتنظيم تعود لتبرعات بعض الأفراد من دول الخليج العربى و أن سبب جذب التنظيم لألاف المقاتلين هو حلم تطبيق الخلافة الأسلامية .
وهذه هى النتيجة, فبدل أن تستغلوا اموالكم لمساعدة الفقراء والشعوب المتضرره من الحروب , أو الأهتمام بالعلم والأبحاث العلمية لترفع من شأنكم من دول نامية الى دول متحضرة , أشتركتم فى الحروب الطائفية .
فأنقسمت مملكتكم , وقتلتم الأنسانية بالوحشية فى قرن 21 . قتلتم الأختلاف والتنوع بين الناس , والحب بين الاسرة , وأغتصبتم المرأة , وذبحتم البرئ , وأرهبتم الأطفال , وأعدمتوا احلام الشباب والمستقبل .مملوئين من كل أثم وزنا وشر وطمع وخبث , مشحونين حسدا وقتلا وخصاما ومكرا وسوءا , مبتدعين شرورا . بلا فهم ولا عهد ولا حنو ولا رضى ولا رحمة .
“طوال عمري ” لم تر عيني أبداً حدثاً في مصر مثل هذا اليوم منذ أن ولدت من خمسة وعشرون عاماً! ليس هذا الحدث زلازال أو فيضان أو حتى حرب، ولكن أن يقطع التيار الكهربائي عن مصر “بأكملها”، فهذا بمثابة حدث تاريخي علينا وعلى المصريين جميعاً!
ولأول مرة فى حياتي، يعود أبي – الذي يعمل خبازاً – من عمله ولكن هذه المرة يوم غير عادي وهو يقول لي أولاً، في لحظة دخوله المنزل والدهشة تملأ وجهه “لأول مرة في حياتي توقفت عن صنع حتى ولو رغيفاً واحداً من الخبز.. مصر كلها بدون خبز بسبب إنقطاع التيار الكهربائي! “فقلت لأبي على الفور، إذاً لماذا أعطيت صوتك للسيسي! فلم يجبني بشيء!
ولك أن تتخيل معي كيف أن مصر”بأكملها” توقفت عن العمل، بل توقفت عن الحياة . فالمستشفيات توقفت، والمصانع والشركات تعطلت، ومترو الإنفاق لا يعمل. لايوجد خبز ولا مياه. حتى أن مؤسسات الدولة الحيوية لم تسلم هي الأخرى من إنقطاع التيار الكهربائي.
إذا ما الذي حدث لمصر اليوم، وما لغز إنقطاع التيار الكهربائي على مصر “كلها”؟
مصر بدون كهرباء
فى اللحظة التي أكتب فيها مقالتي هذه عن كارثة إنقطاع التيار الكهربائي، تغرد القنوات المصرية وتمجد السيسي على إنجازاته التي يعتبرونها بالتاريخية، مثل مشروع قناة السويس الجديد، وكيف أن السيسي أنقذ مصر من الإرهاب . أما عن كارثة التيار الكهربائي، فلا تسواي عندهم ألا جملة في خبر موجز!
والمفارقة هنا، أن نفس تلك القنوات والاعلامين اليوم، هما نفس الإعلامين والقنوات فى عهد مرسي، كانوا سبب سقوط مرسي بسب إنقطاع التيار الكهربائي فى عهده والذين كانوا يتهمونه بسرقة الغاز وإرساله إلى قطاع غزة.
أما اليوم لا توجد غزة ، حيث نم هدم معظم الأنفاق من وإلى غزة من قبل الجيش، ومازالت تتواصل أزمة إنقطاع الكهرباء من سيء إلى أسوء، مما بفسر أن أزمة الكهرباء في عهد مرسي كانت مفتعلة لحشد الجماهير لإسقاط محمد مرسي.
وأصبحت أزمة الكهرباء لغزاً محير للمصريين، حيث يحمي الإعلام المصري السيسي من المسؤولية، وأحياناً يتهم الحكومة بالتقصير, والحكومة بدورها تغيّب عقول المصريين عن الحقيقة، وإن سبب إنقطاع الكهرباء هو تخريب الإخوان لمحطات الكهرباء، وزيادة إرتفاع السكان، وأصبح الإنسان المصري تائها لا يعرف السبب، و شغله الشاغل الآن هو البحث عن رزقه يوم بيوم .
وتأتي أسباب أزمة الكهرباء بسبب قلة إمدادات الغاز على الرغم من أن مصر تصدر الغاز إلى أسرائيل والأردن، وقلة العملات الأجنبية لشراء الغاز، بسبب تراجع السياحة في مصر منذ ثورة 25 يناير. بالإضافة إلى توقف واردات الغاز من قطر إلى مصر بسبب دعمها لجماعة الإخوان المسلمين .
مما لاشك فيه أن أزمة الكهرباء ستؤثر حتما على الأستثمار فى مصر، وعلى قطاع السياحة، و الانتاج، وإرتفاع معدل البطالة.
أما على الفيس بوك , سخط وغضب بين الشباب بسبب أزمة الكهرباء . ويفرض السيسى قانون عدم التظاهر , وهنالك شباب مسجنون بسبب كسر قانون التتظاهر .
رأيتُ- بعينى – الجان يتكلم والشياطين تصرخ وتخرج من أجساد المرضى المتسلطه على أجسادهم “الأرواح الشريرة” فى إجتماع “إخراج الشياطين” داخل كهف كنيسة القديس سمعان التى تقع أسفل جبل المقطم شرق القاهرة بحي الزبالين .
الساعة 7 م من كل يوم خميس، يجتمع مئات المصلين من الأقباط وعشرات المرضى من المسلمين فى إنتظار مجيئ “المنقذ” القمص سمعان إبراهيم مؤسس كنيسة المقطم، آملين أن يخلصهم من الجان ويحررهم من قيود الشيطان .
يوم الخميس هو يوم مختلف فى شوارع وكنيسة حي الزبالين الذي يسكنة اكثر من 98% من الأقباط ومن الممكن أن تشعر بروح غريبة تملئ المكان، حيثإعتاد أقباط الحي أن يروا عشرات المسلمين معظمهم من النساء المتحجبات سائرين فى الشارع قاصدين كهف الكنيسة لحضورإجتماع القمص سمعان ابراهيم لأخراج الشياطين من أجسادهم. وفى الخميس الماضى، كانت أعمارهم مختلفة من الأطفالإلى الشيوخ كما لاحظت أن المرضى من الطبقة الفقيرة والطبقة المتوسطة فيهم من جاءمشياً على الأقدام وفيهم من جاء بسيارته الملاكي. أما الأغنياء فالبعض منهم يفضلون مقابلة القمص سمعان بعيداً عن أنظار الجمهور وفى يوم مختلف عن يوم الخميس بحسب كلام المقربين من القمص سمعان.
يبدأ المرضى- معظمهم من المسلمين- عند ظهور القمر الدخول إلى كهف ضخم هائل داخل الجبل، يتسع الى 15 ألف مصلي وتشبه مدرجاته المسرح الروماني . جلس المصلين والمرضي فى صمت شديد ولكن من حين الى أخر تسمع صراخ فظيع من أفواهإحدى المرضى المتسلط عليها الشيطان التي كانت تجلس بين اثنان من اصدقائها للسيطرة على جسدها المتشنج أثناء عظة القمص سمعان وهو يعظ المصلين والمرضى “عن قوة اللة، وأنه لا قيمة لة بدون هذه القوة ” حيث يوجد مكان مخصص للمرضى المسلمين أمام المنبر للذين يعانون من الأروح الشريرة داخل أجسادهم.
تصرخ الأروح الشريرة داخل المريض عندما يصلى القمص سمعان ألى الروح القدس ليخلص المريض
جائت نانسى عودة -28 سنة – فى صحبة أمها، واحدة من عشرات المسلمات مثلها فى الخميس الماضي . وبالرغم أن نانسى كانت حامل فى الشهر التاسع، إلا إنها كانت تبحث عن القمص سمعان لكى يخلصها من الشيطان حيث تشكوا من كوابيس مفزعة وأصوات مرعبة فى غرفتها ” جئت هنا لأنى أشعر أن الشيطان يتسلط على جسدى .. وفى بعض الأيام أرى روح شريرة واقفا أمامي فى ميعاد النوم وهو يقول لي ( إنى أُحبك ولا يستطتيع أحد أن يمتلكك غيرى أنا )
كانت نانسى وأمها فى صحبة رجل قبطى يحدثهم عن قوة القمص سمعان فى التخلص من الشياطبن ويطمنها أنه رجل قوي والشياطين تخافة ” لقد جئنى إلى هنا عن طريق هذا الرجل الكريم عندما فقدنا الطريق، وبالصدفة عرفنا أنه قبطى ويعرف طريق الكنيسه “. وتضيف أم ناسى عن أبنتها المريضة وتقول ” لطالما أفشل الشيطان أى قصة حب بين نانسى والرجال… حتى الرجل الذى أحبها وتزوجها، طلقها فى الشهر السادس من زواجها وهى حامل “
القمص سمعان يحذر أمرأة سودانية لترك الاعمال الشريرة والأيمان بقوة الله
تضيئ كشافات النور الضخمة كهف الكنيسة ووجوه المصلين . ويعكس الكهف صدى أصوات صراخ الشياطين من أجساد المرضى ،بعد أن خرج القمص سمعان من سيارته متجها إلى منبره فى طريق مخصص له، محاط من الخدام حتى لا يعطله أحد عن ميعاد بدأ الإجتماع . يبدأ الإجتماع بالألحان القبطية ثم تاليها الأناشيد الروحية باللغة العربية،ثم تبدأ بعدها عظة القمص سمعان عن “سر قوة الله فى التخلص من الروح الشريرة وعدو الخير ” . وأحيانا يشجع جميع المرضى كيف أن الله أستخدمه فى إحياء – أناس قد ماتوا – من رقاد الموت ! يأكد سمعان كلامة وهو يظهر فى شاشة العرض الضحمة للجمهور ويقول “الأن هؤلاء الناس هم أحياء يرزقون فى هذه العالم! “
ويقول أيضا ” يمكن أن تسألوا عن هؤلاء الأشخاص حتى يثبت صحة كلامى، كما يوجد أيضا شهود عيان “
ومن شهود العيان رجل اسمه جميل الذى بدأ الخدمة مع القمص سمعان فى السبعينات يقول ” ذات يوم، كان رجل حداد اسمه مسعود يعمل داخل الكنيسة فى أعلى منتصف الكهف على بعد 40 متر من الأرض . كان يصلح شاشة العرض التى تنقل العظة إلى الجماهير فى الكنيسة، وبعدها تكهرب وسقط على الأرض ومات . الأمر الذى أكده الطبيب بعد ذلك ، ولكن صمم القمص سمعان أن يصلى إلى الله حتى يقيمه من الموت .. وفى أثناء الصلاة قام الميت أمام كل الذين كانوا معنا، وأنا شاهد على ذلك “
يحكى جميل عن القمص سمعان وهو فى كامل الأحترام والهيبة له ” القمص سمعان واحد من القديسين الذين يعشون على الأرض !
يعتبر القمص سمعان أشهر كان قبطى فى العالم
والمثير للدهشة أن القمص سمعان لم يكن قويأ مشهورا فى بداية تاريخ خدمته سنة 1973 فى حي الزبالين أسفل جبل المقطم شرق القاهرة ، بل كان ضعيفا خادم بسيط فى شبرا . كما يحكى القمص سمعان فى فيلم -مكان فى القلب- ” لطالما هربت من دعوة رجل يسكن أسفل جبل المقطم للذهاب هناك ودعوتهم إلى التوبه والبدأ فى حياة أفضل “
يعتبر حي الزبالين -50 الف ساكن- هو ثاني أكبر تجمع قبطي بعد حي شبرا فى القاهرة . هاجر معظم سكان الحي من صعيد مصر عام1965لكسب العيش الى حي أمبابة اولا، وبعدها اصدر محافظ القاهرة فى ذلك الوقت قرار بنقلهم للسكن فى أسف جبل المقطم بعيدا عن وسط البلد بسبب تربية الخنازير. وعرف المكان باسم “الزرايب” وكانت عبارة عن أرض قفر لا يوجد فيها ماء ولا كهرباء ولا خدمات أجتماعية وكانت بيوتهم من الصاج الحديد قبل مجيئ القمص سمعان . ويعتمد أقتصاد حي الزبالين على جمع القمامة وأعادة تدويرها وتربية الخنازير .
يصف القمص سمعان- البالغ من العمر 73 عاما- سكان حى الزبالين فى بداية خدمة بأنهم وحوش جبابرة لا يعرفون غير الضلال ” كانوا يستخدمون البنادق والأسلحة مثل الألعاب النارية، أما الجبل كان ملجأ للمجرمين والقتلة والمخدرات تملئ المكان ” ولاكن تحول القمص سمعان من رجل ضعيف إلى رجل قوى عندما حل علية قوة الله وهو يصلى أمام الكهف ” كنت أُصلى لأسأل الله ماذا سأفعل فى هذه المدينة المتوحشة والناس هنا لا تتفاهم .. فوجدت بالصدفة ورقة أمامى مقطوعة من الأنجيل تقول ( لا تخف بل تكلم ولا تسكت ولا يقع بك أحد ليؤذيك، لأني لي شعب كثير فى هذه المدينة ) “
وشعر أن الله معه وكان يسنده بالمعجزات مثل طرد الأرواح الشريرة، وأنتشر صيته فى كل أنحاء مصر . وحفر كنيستة داخل الجبل بمساعدة أهل المكان من الزبالين . وتحولت الكهوف المهجورة إلى مكان سياحى معروف فى العالم . والأن يذاع إجتماع إخراج الشياطين عبر القنوات الفضائية وعلى شبكة النت !
وأصبح القمص سمعان أشهر كاهن قبطي فى مصر والعالم، وأنتشر اسمه فى معظم وسائل الإعلام، حتى يوجد عدت أفلام تسجلية عنه .
تعتبر كهف كنسية القديس سمعان أكبر كهف كنيسة فى العالم
ويختلف القمص سمعان عن باقى الشيوخ أو السحرة الذين يخرجون الشياطين . أنه يخلص المرضى من الأرواح الشريرة مجانا وبدون مقابل، وأن سر قوته هو الروح القدس الذي يستخدمه لمحاربة الأرواح الشريرة.
نعبتر عملية أخراج الشياطين هي عملية معقدة الفهم لتعدد أنواع السحر مثل السحر الأسود والسحر السفلي، ومع ذلك فأن أجتماع القمص سمعان يعتبر أخر مرحلة من مراحل أخراج الشياطين بعد فشل المريض فى التخلص من الشيطان بعدما زار وصرف مبالغ طائلة على الشيوخ أو السحرة أو حتى الأطباء . ومن الأشخاص الذين يقدمون ” أخراج الشياطين” هم : شيوخ المساجد وشيوخ الدجل والسحرة وأخيرا الكهنة . وغالبا يلجأ المريض للذهاب للكنيسة لمقابلة الكاهن بعد فشل الشيوخ والسحرة لتحريره من الروح الشريرة بعد أن صرف عليهم مبالغ كثيرة .
ومثال على ذلك : زرنا أنا وصديقى ساحر اسمه محمد السبكى 47 عاما ويسكن فى حي منشأة ناصر شرق القاهرة . محمد هو ساحر معروف بين جيرانه ويميل الى التصوف. تتلمذ على يد أستاذ أزهري صوفي ودرس كل انواع علوم السحر ولغة الجان من كتب قادمة من المغرب . بدأ محمد السحر منذ 25 عاما بعد ما خسر كل أموالة فى تجارة الفضة فى السوق القديم فى حي الحسيني، ويدعى نفسة شيخ وليس ساحر، يخدم الناس مقابل مادي بسيط فى التخلص من الأعمال الشريرة فى سبع جلسات على مدار سبعة ايام مع كل حالة لفك السحر أو عمل حجاب . وعندما سألته عن المال قال ” يتطلب على المريض فى كل جلسة دفع 2000 جنية لشراء بخور وشموع وأشياء أخري لتحضير الجان لخدمة المريض”
ولكن يشرح القس فام مساعد القمص سمعان فى الخدمة كيف تتم عملية إخراج الشياطين ” لكى يخرج الروح الشريرة من جسد المريض، يجب أولا على المريض الإيمان بقوة اللة والإلحاد عن إيمانه بقوة الشيطان . لأن المريض قبل مجيئه إلى الكنيسة ذهب إلى الشيوخ أو السحرة لعمل “حجاب ” أو “عمل”- لمعرفة المستقبل القريب أو لأيذاء شخص ما، وهو بذلك يعتبر إتفاق أو كتابة عقد مع الشيطان بأنه يؤمن بقوته .. فسكنة الشيطان وأمتلك حياته “
ثم يكمل القس فام شرحه ويقول ” ولكى تتم عملية الشفاء كاملة وبلا نقص،يجب حرق أى “حجاب ” وإنكار قوة الشيطان والأيمان بقوة الله وعمل الخير “
تضيف نانسى عوده حكايتها لماذا لم تذهم إلى شيوخ المساجد أو السحرة لتشفى ” ذهبت كثيرا إلى الشيوخ ولكنهم لم يستطيعوا أن يشفونى .. كانوا يقراءون القرأن وبعدها يخرج الشيطان ولكنه يرجع مرة أخره عندما أغادر الشيخ .. وكنت أصرف الكثير من المال على الشيوخ لشفائى “
ويعترف حماده شاب مسلم تقابلت معه فى الكنيسة الذى تاب عن الذهاب إلى السحرة بسبب أنه أمن بقوة الله ” السحر والسحرة “حقيقة” ويقدر الساحر يعرف بالمستقبل القريب وأيذاء أى شخص حسب طلب المسحور له . ولاكن لابد للساحر والمسحور أن يؤمنوا بقوة الشيطان، وأن يتصرفوا ضد عمل الخير. ولاكن فى النهايه الشيطان يمتلك الساحر أو المسحور ويهلكهم “
والجدير بالذكر أن نسبة الأمية فى مصر،حوالى 18مليون من إجمالى 88 مليون مصرى بحسب مركز الأحصاء . بالإضافة إلى إزدياد نسبة الفقر والبطالة فى مصر.
أخيرا ينهى القمص سمعان عظته، فيرقدوا المرضى باندفاع نحو القمص سمعان ليشفيهم . فتسقط إجسادهم على الارض ،ترتعش وترتجف خوفا ورعدة من صلواته . ثم يبدأ القمص سمعان الصلاة على ماء ليحوله إلى ماء مقدسة ليرشه على وجوه المرضى . ثم ينتهر كل روح شريرة تسكن أى جسد مريض ليرحل ويغادر بلا رجعة .
أنها حرب الأرواح التى لا يراها العين والجسد . حرب الروح القدس ضد الروح الشر !
لطالما استحيت، وهربت، وكذبت احياناً عن إجابة السؤال الذي إذا أجبته، احتقرني الأصدقاء وقللوا من شأني، وابتعدوا عنى ! السؤال نفسه الذى إذا سألته للأخرين عند زيارتهم إلى منطقة سكنى، ليتخيلوا معي لو كان لهم نفس حظي فى الحياة !
غابت عقولهم فى حيرة خيالاتهم التى لا تهتدي إلى إجابة ! والإجابة المرة هى أني أسكن فى حي الزبالين ! الحي الذى تميزه الرائحة الكريها المنبثقة من القمامة التى تملأ الشوارع والمنازل ! الحي الذي نسكن فيه والبهائم معا!
فكيف لي أن أجيب عن السؤال وأقول أنى زبال، والمجتمع يصفه بالمقزز، صاحب الملابس الكريهة،جامع القمامة !
لكن ربك يا صديقى لا ينظر إلى الوجوه والمظاهر، بل ينظر إلى القلب الأمين والمتواضع ! إذ لكل شئ تحت السماء وقت: فكبرت ،وبلغت، وعرفت يقينا أن لمنطقتى وأهلى ووظيفتى مكانة عظيمة لا غنى عنها في خدمة مصر. فمات اليأس وولد الفخر في قلبى ! فنحن من ينظف مصر من القمامة، ونحن من بنينا أكبر كهف كنيسة فى العالم التى تجذب السائحيين من كل بقاع العالم . ولذلك كثر الحديث في الصحف والمجلات والتليفزيون متحدثا عن حي الزبالين !
مكانة الزبال
فذات يوم قالت لي سيدة بلجيكية الجنسية، أن مصر بدون الزبالين ستتوقف ! فإذا توقف عمل الزبالين عن جمع القمامة ،توقفت الحياة في مصر ! فأكثر من 15 ألف زبالا من حي الزبالين يجمعون كل يوم أكثرمن 18 ألف طن من القمامة من مدينة القاهرة وحدها ! وبحسب جريدة الجارديان : أن أكثر من 90% من القمامة يتم اعادة تدويرها مرة اخرة فى حى الزبالين، مما يفوق نسبة الشركات فى أوربا أربعة أضعاف ما ينتجون من أعادة تدوير القمامة ! وذكرت ليلى أسكندر: وزيرة البيئة سابقا ووزيرة تطوير العشوائيات حاليا لجريدة الجارديان :” أن أكثر من 150 مليون دولار دخلوا مصر عن طريق صناعة اعادة التدوير فى العقود الثلاث الماضية ! وأن حي الزبالين لا يعانى من البطالة على الرغم من ازدياد البطالة فى مصر ” .
ولكن للأسف، مازال الزبال لا قيمة له فى وطنه، وبدل أن يتم تكريمه على عمله الجليل فى نظافة البلد، يتم تهميشه وحرمانه من أبسط حقوق الحياة ! ففى عام 2003 تعاقدت الحكومة المصرية مع شركات أجنبية بملايين الجنيهات لجمع القمامة، ومنع الزبالين من جمع القمامة ! وليس هذا فحسب، بل أيضا صدر قرار من الحكومة بأعدام كل الخنزير بحجة تفشى الفيروس الذى يدعى ” انفلونزا الخنازير ” مع العلم أن الصحة العالمية أكدت أكثر من مرة أن لا علاقة للخنازير بتفشى الفيروس .
ومع قتل الخنازير، إزدادت أكوام القمامة فى شوارع القاهرة، لأن الزبالين كانوا يعتمدون على الخنازير كثيراً فى التخلص من المواد العضوية، فأصبح تراكم القمامة فى مصر كارثة، وارتفعت أسعار اللحوم وقل السماد الزراعى . حتى وعد مرسى المرشح الأسلامى فى عام 2012، أذا فاز بمقعد رئاسة مصر، سيتخلص من القمامة فى غضون 100 يوم حسب برنامجه الانتخابى وهو أمر لم يتم طبعا.
أتحدى أى شخص كان أن يزور حي الزبالين، ولا يتعجب من سر عظمة متساكنيه ! ولعل سر عظمتهم أنهم لا يؤمنون بالصدف و أن كل ما أنجز وتم كان بالصدفة، ولا يعتمدون على الحظ ! ولكنهم يؤمنون بأن لكل إنسان فى الحياة هدف، وعقل قادر على الإبتكار وتحقيق المستحيل، وروح لا تعرف إلا القوة .
فكيف لا تتعجب لشعب جعل من القمامة ثروة ووقودا؟
كنيسة القديس سمعان
لقد صنع متساكنو هذا الحي صرحا سياحى عظيما هو كنيسة ” القديس سمعان “، والتي تقع داخل كهف ضخم فى أسفل جبل المقطم .
وتتسع الكنيسة لأكثر من 20 ألف من المصلين , لتصبح بعد ذلك أكبر كهف كنيسة فى العالم، حيث اختار مجلس كنائس العالم فى عام 2005، كنيسة حى الزبالين لتقام فيها يوم الصلاة العالمى من أجل العالم . ومازالت هذا الكنيسة صاحبة التصميم الجبلى الطبيعى تجذب الزوار من كل فئات المجتمع فى العالم : تجذب الوزراء، والسفراء ، وأصحاب السياسة والفن و الأدب والمثقفين…ألخ
والعجب هنا أن هذا الدير السياحى يقع وسط حى الزبالين الملئ بالقمامة ! أليس فى هذا شئ من العجب ؟
حي الزبالين تحت مجهر الإعلام
وبقوة إرادتنا انتقلنا من أشقى الناس إلى أعظمهم مكانة فى العالم ، وخصوصا فى وسائل الأعلام ! من صحف كالجارديان ،واشنطن بوس، ليموند , تايم مجازين,، لبغاسيون … ألخ . ومحطات الاخبار كسى ان ان , فرانس 24 , بى بى أس ..ألخ .
ومن أشهر الافلام عن حى الزبالين، فيلم ” احلام الزبالين ” الذى فاز بجائزة نوبل للسلام التقديرية التى تمنح للافلام التسجيليه فى كل عام !
أما عن أبناء حي الزبالين الذين أثروا فى من حولهم فنجد القمص سمعان صاحب فكرة بناء الدير ، وليلى أسكندر التى تولت منصبى وزارة البيئة سابقا ووزارة تطوير العشوائيات حاليا, والأم ماجى التى ترشحت بقوة لجائز نوبل للسلام عام 2012.
و أخيرا علمت أنه ليس بالمال أم بالحكمة أم بالقوة والمنصب، يفتخر الأنسان ! لأن الله اختار الأميين ليخزى الحكماء، واختار الضعفاء ليخزى الاقوياء ! وأختار الزبالين الضعفاء ليجعلهم قدوة في قوة الأرادة وتحقيق الأحلام ! والأن لا استحى أن أجيب وأقول أنى زبال من حي الزبالين ، بل اقولها بصدق “أنا زبال وأفتخر “.
يسكن مكاريوس فى حى الزبالين التى تقع اسفل جبل المقطم فى القاهرة